”زحل يلتهم إبنه”تحفة فنية في متحف ”دلبرادو”
منه حربىخوارقلوحة أسطورية صادمة للفنان العبقري فرانشيسكو غويا، موجوده في متحف «دلبرادو» في العاصمة الأسبانية مدريد، اللوحه تصوير لرجل مسن يقوم بإلتهام طفل، بينما يقوم بالضغط بركبته في سواد الأرض، ونظرات من فراغ عاطفي هائل، نحو اللا شيء، وهو يأكل رأسه، وتختلط الألوان بكثافة في سواد وبياض، مع لون الدم الطازج في لحم طري. تعتبر هذه اللوحة داكنة التعابير في وليمة بشعه استهلك رأس الطفل فيها وجزء من ذراعه اليسرى، والذراع اليمنى على وشك عضها ليتم أكلها، وبعينيه المنتفختين، وهو يغزر أصابعه في ظهره، ويلوح في الأفق والظلام حيث الكون. لوحة «زحل يلتهم ابنه» التي تعرض منذ "1889"م، جاءت من فكرة أسطورية ربما يعرفها بعضنا، لكن من اليقين أن النابغة «غويا» يعرف تماماً تفاصيلها، وكبداية أستطيع أن أختصر الأسطورة هنا، بأن «زحل الإله يأكل أبناءه خوفاً عليهم ومنهم»، ولعل هذه الجملة توحي بأن ذلك فعل الدببة والعناكب وبعض الحيوانات التي تأكل أطفالها إذا جاعت أو شعرت عليهم بالخطر، ولعلها جملة تعني بأن كل ما على الأرض هو انعكاس لتأثيرات سماوية، جعلت القدماء يقدرون حركة الكواكب ومراقبة سطوتها عليهم والتي كانت تحصل لا محالة، وإلا كيف ألهمت تلك الأساطير القديمة أدباء اليوم في كتاباتهم فكوكب زحل الذي يعد إلها لدى الأقدمين، لتأثيراته الكبرى على كائنات الأرض، استطاع أن يستنتج أدباء العصر الحديث والمتنورين من المفكرين والمبدعين من أسطورته منتجاً أدبياً وفكرياً مميزاً، بالأخص عن فكرة الانتقام بين الأب وابنه والابن وابيه، وذلك بسبب الخوف الأبوي الحاكم من أبنائه في عدم منحهم الصلاحيات سوى الاسم، وخوفاً أيضا من غدرهم له في حياته، لتسرد روايات ومسرحيات عديدة بهذه الثقافة الموروثة والواقعية حتى اليوم.